يشمل مصطلح طيف التوحد مجموعة كبيرة من اضطرابات النمو العصبي المؤثرة على مهارات التواصل مع الآخرين، والتعلم، والسلوك.
ارتفعت نسبة المصابين بالتوحد حول العالم في 10 سنوات الأخيرة من 0.062% إلى 1% عام 2023، وأوضح مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC أن نسبة الأطفال المشخصين بالتوحد بعمر 3-17 سنة في الفترة ما بين 2009-2017 بلغت 17% فقط، مما يشير إلى أن التشخيص بالتوحد ما يزال يبدأ في عمر 3-4 سنوات.
ولكن ما سبب التوحد؟ هل هو وراثي أم ناتج عن التأثر بالبيئة المحيطة؟ وهل له علاج؟
سنسلط الضوء في هذا المقال على أسباب التوحد ودور الفحص الجيني في تغيير أساليب تشخيص التوحد والعلاج التأهيلي.
اضطراب طيف التوحد
يشير التوحد إلى مجموعة من اضطرابات النمو العصبي بالدماغ التي تؤثر على مهارات التواصل والتفاعل مع الآخرين، والتعلم، والسلوك، ويعتبر الذكور أكثر عرضة للإصابة بالتوحد بمقدار 4 أضعاف أكثر من الفتيات. تختلف شدة تحديات التوحد من شخص لآخر وبالتالي يختلف أسلوب العلاج التأهيلي المناسب.
أنواع التوحد
يشمل اضطراب طيف التوحد، كما ذكرنا، مجموعة من الاضطرابات تختلف مسمياتها حسب شدتها وتحدياتها، مثل:
متلازمة أسبرجر
تعتبر نوع متوسط الشدة من التوحد، ويتميز فيها الأشخاص بمستوى عالي من الذكاء لكنهم يفتقدون القدرة على التواصل مع الآخرين.
الاضطرابات النمائية الشاملة
تعتبر أكثر شدة من متلازمة أسبرجر، وتظهر عادةً في شكل تأخر الكلام وعدم القدرة على التفاعل مع الآخرين بعمر 3 سنوات، وتكرار السلوكيات والحركات.
متلازمة هيلر (اضطراب الانتكاس الطفولي)
وهي حالة نادرة تظهر عادةً بعمر أقل من 3 سنوات في شكل تأخر الكلام والحركة، وعدم القدرة على التفاعل مع الآخرين.
صنف بعض الأطباء المختصين متلازمة ريت ضمن اضطرابات التوحد أيضًا، لكن أثبتوا مؤخرًا أنها ناتجة عن طفرة وراثية تؤثر على أعصاب الدماغ والحركة وتصيب الفتيات بشكل أكبر من الذكور على عكس التوحد الذي يصيب الذكور أكثر من الفتيات بمقدار 4 أضعاف.
أعراض التوحد
تظهر أعراض التوحد عادةً في عمر سنة إلى سنة ونصف، ولكن بعض الأطفال قد تتأخر ظهور أعراض التوحد عليهم حتى عمر 2-3 سنوات.
وتشمل أعراض التوحد ما يلي:
1. فقدان القدرة على التواصل الاجتماعي، مثل التواصل بالعين وعدم القدرة على التعبير عن رغباته ومشاعره أو الاستجابة لاسمه بعمر 9 شهور
2. تكرار السلوكيات والعبارات
3. ترتيب الأشياء والألعاب بطريقة معينة والغضب عند تغيير نظامها
4. أداء حركات غير طبيعية، مثل الدوران والتلويح باليدين
5. تأخر الكلام والحركة
6. صعوبات التعلم
2. الصرع
3. الخوف والقلق أكثر من الطبيعي أو انعدام مشاعر الخوف
4. اضطرابات المزاج
5. عسر القراءة (الديلسيسيا)
هل التوحد مرض وراثي؟
2. الإنجاب بعمر كبير
علاج التوحد
لا يوجد علاج شافي تمامًا للتوحد، لكن توجد أساليب علاجية تأهيلية لمساعدة الطفل في الاندماج مع المجتمع، مثل العلاج السلوكي وعلاج مشاكل النطق والكلام والعلاج الطبيعي لمشاكل الحركة. ويتوقف اختيار المختص لأسلوب العلاج التأهيلي المناسب على درجة التوحد لدى الطفل.
أهمية الفحص الجيني في التشخيص المبكر للتوحد
فحص المصفوفة الكروموسومية الدقيقة chromosomal microarray
يحدد فحص المصفوفة الكروموسومية الدقيقة موضع الخلل في أجزاء الكروموسومات سواء بالزيادة أو النقص، والتي تسبب صعوبات التعلم ومتلازمة داون وغيرها. أثبت فحص المصفوفة الكروموسومية الدقيقة فعاليته في تحديد العوامل الوراثية المسببة للتوحد في 10-20% من الحالات.
فحص الإكسوم Whole Exome Sequencing
يعتبر فحص الإكسوم أكثر شمولاً وسرعة من فحص المصفوفة الكروموسومية الدقيقة، لذلك توصي الكلية الأمريكية لعلم الجينوم وطب الوراثة بإجراء فحص الإكسوم أو الجينوم لتشخيص أسباب تأخر النمو وصعوبات التعلم والتوحد مبكرًا بعمر سنة.
فحص الجينوم Whole Genome Sequencing
يغطي فحص الجينوم الحمض النووي بالكامل لاكتشاف جميع مسببات الأمراض الوراثية الممكنة، مما يجعله أكثر الفحوصات الجينية شمولاً في تشخيص مسببات التوحد وأكثر من 7500 مرض وراثي.
يساعد الفحص الجيني والاستشارة الوراثية أيضًا الآباء الذين لديهم طفل مصاب بالتوحد في معرفة احتمالية إنجاب طفل آخر مصاب بالتوحد لتقديم التوصيات اللازمة.
وختامَا، كلما بادر الآباء الفحص الجيني لأطفالهم المشتبه إصابتهم بالتوحد مبكرًا، زادت احتمالية توفر حلول مناسبة للتعامل مع التوحد.
وكلما أخذنا أهمية الفحص الجيني قبل الزواج والحمل أيضًا بعين الاعتبار، زادت فرص حماية أطفالنا من الأمراض الوراثية ومضاعفاتها السلبية لينعموا بحياة صحية.