pancreatic cancer

سرطان البنكرياس بين التشخيص والعلاج

يلعب البنكرياس، ذلك العضو الصغير في جهازنا الهضمي، دورًا أساسيًا في تنظيم العديد من العمليات الحيوية بالجسم من خلال إفراز الإنزيمات المنظمة لعملية الهضم، بالإضافة إلى إنتاجه هرمونات تعمل على تنظيم مستويات السكر في الدم. 

يمكن أن يتأثر البنكرياس مثله كمثل أي عضو بجسمنا بالسرطان نتيجة بعض العوامل التي قد تكون وراثية ناتجة عن تغيرات بالحمض النووي أو عوامل بيئية من أهمها العادات الصحية المتبعة.

يشكل سرطان البنكرياس 4.9% من إجمالي حالات السرطان عالميًا ويعد السبب وراء 5% تقريبًا من إجمالي حالات الوفاة الناتجة عن السرطان.

يصعب عادةً اكتشاف سرطان البنكرياس في مراحله المبكرة لعدم ظهور أعراضه إلا بعد انتشاره في أعضاء الجسم الأخرى.

ولكن هل يمكن للفحص الجيني تغيير طرق تشخيص سرطان البنكرياس لزيادة فرص الشفاء منه؟ 

سنتعرف أكثر في هذا المقال على سرطان البنكرياس وأهمية الفحص الجيني في الوقاية والعلاج من سرطان البنكرياس.


سرطان البنكرياس

تختلف أنواع سرطان البنكرياس بناءً على نوع الخلية التي بدأ فيها السرطان، وأبرزها:

  • سرطان البنكرياس الغدي، وهو أكثر أنواع سرطان البنكرياس شيوعًا حيث يشكل 95% من إجمالي الحالات. يبدأ هذا النوع من السرطان في الخلايا المسؤولة عن إنتاج الإنزيمات المسؤولة عن تنظيم عملية الهضم.
  • الأورام العصبية الصماوية في البنكرياس، وهو نوع نادر من سرطان البنكرياس يبدأ في خلايا الغدد الصماء المسؤولة عن إفراز الهرمونات المسؤولة عن تنظيم مستويات السكر في الدم وتنظيم عمليات الأيض.

تجدر الإشارة إلى أن ليست كل أنواع أورام البنكرياس سرطانية (خبيثة) بل قد تكون حميدة ولكن قد تتحول إلى أورام سرطانية إذا تركت دون تشخيص أو علاج على المدى الطويل لذلك يجب استشارة الطبيب وإجراء الفحوصات الموصى بها دوريًا للاطمئنان على الصحة.

أسباب سرطان البنكرياس

تزيد بعض العوامل من خطر الإصابة بسرطان البنكرياس، منها:

1. التدخين، ويشكل نحو 20% من إجمالي حالات سرطان البنكرياس.

2. السمنة المفرطة، حيث تشكل 10% من إجمالي حالات سرطان البنكرياس.

3. التقدم في السن، تزداد فرص الإصابة بسرطان البنكرياس عادةً بعد عمر 50 ونادرًا ما تحدث الإصابة في عمر أقل من 40.

4. عوامل وراثية، تعتبر العوامل الوراثية السبب وراء 5-10% من حالات الإصابة بسرطان البنكرياس. حيث يزيد وجود قريبين على الأقل من الدرجة الأولى (الأب أو الأم أو أحد الأخوة) مصابين بسرطان البنكرياس من فرص الإصابة بسرطان البنكرياس. تلعب أيضًا التغيرات الجينية (أو الطفرات) دورًا في زيادة فرص الإصابة بسرطان البنكرياس، ومنها:

- جينات BRCA1 وBRCA2 وPALB2 وCDKN2A وATM عند حدوث أي خلل في هذه الجينات تزداد فرص الإصابة بسرطان الثدي كما نعلم جميعًا، ولكن يمكن أن يسبب الخلل فيهما أيضًا الإصابة بسرطان البنكرياس وأنواع أخرى من السرطان مثل سرطان البروستاتا.

- جينات MLH1 وMSH2 وMSH6 وPMS2 وEPCAM يؤدي الخلل في أحد هذه الجينات إلى الإصابة بمتلازمة لينش والتي تزيد من فرص الإصابة بسرطان البنكرياس وأنواع أخرى من السرطان مثل سرطان القولون وغيره من السرطانات.

- جينات TP53 وSTK11 تزيد التغيرات في هذه الجينات من فرص الإصابة بسرطان البنكرياس، بالإضافة إلى سرطان الدماغ وسرطان الرئة وغيره من السرطانات.

قد تزيد أيضًا بعض الأمراض الأخرى من فرص الإصابة بسرطان البنكرياس، مثل السكري والتهاب البنكرياس المزمن ومتلازمة الأيض وتشمل ارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستويات السكر والدهون في الدم.

اقرأ أيضًا: هل السرطان مرض وراثي؟

أعراض سرطان البنكرياس 

لا تظهر أعراض سرطان البنكرياس غالبًا إلا بعد تطور مضاعفاته وانتشاره إلى أعضاء أخرى، ومن أبرز تلك الأعراض:
  • ألم في البطن قد يمتد إلى الظهر.
  • فقدان الشهية أونقص الوزن غير المبرر.
  • اصفرار الجلد وابيضاض العينين (اليرقان)
  • براز فاتح اللون
  • بول داكن اللون
  • حكة في الجلد
  • الجلطات الدموية
  • الإرهاق
قد تتشابه هذه الأعراض مع أمراض أخرى، لذلك يجب استشارة الطبيب فور ظهور أحد هذه الأعراض للتوجيه إلى الإجراء اللازم.

أهمية الفحص الجيني في التشخيص المبكر لسرطان البنكرياس والعلاج

قد يوصي الطبيب بإجراء بعض الفحوصات لتأكيد تشخيص سرطان البنكرياس في مرحلة متأخرة من المرض ومن هذه الفحوصات، التصوير بالموجات فوق الصوتية والتصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير المقطعي المحوسب (CIT) والخزعة (وتشمل الحصول على عينة من أنسجة البنكرياس). قد يساهم الفحص الجيني أيضًا في تغيير طرق الوقاية من سرطان البنكرياس وغيره من أنواع السرطان وذلك من خلال:

الوقاية والتشخيص المبكر

 يمكن من خلال الفحص الجيني تحديد التغيرات الوراثية المسببة لسرطان البنكرياس أو التي قد تزيد من خطر الإصابة به، لتقديم التوصيات اللازمة للأفراد والعائلات. يمكن أيضًا من خلال الفحص الجيني تحديد احتمالية عودة إصابة المتعافي من سرطان البنكرياس من خلال الكشف عن أي تغيرات وراثية أخرى مسببة له أو لأي نوع آخر من السرطان.

اختيار العلاج المناسب للسرطان (العلاج الشخصي)

يعمل الفحص الجيني على اكتشاف التركيبة الجينية للمريض والتغيرات الحادثة فيها المسببة للسرطان والتي قد تؤثر على مدى الاستجابة للعلاج وفعاليته من شخص لآخر، مما يساعد الطبيب في تحديد الخيار العلاجي المناسب للمريض وتقليل الآثار الجانبية غير المرغوبة للعلاجات الأخرى لزيادة فرص الشفاء.
فمثلاً قد يتضح من التشخيص المبدئي لمريض سرطان البنكرياس أنه يحتاج لإجراء جراحة لاستئصال الورم ولكن بعد إجراء الفحص الجيني قد يستبدل الطبيب هذا الخيار بعلاج السرطان الموجه أو العلاج الكيميائي أو غيره من الخيارات العلاجية المناسبة لحالة المريض.

تحديد احتمالية تكرار الإصابة بالسرطان في العائلة

يساعد الفحص الجيني في تحديد مدى احتمالية تكرار إصابة أفراد آخرين من أفراد العائلة (وخاصةً أقارب الدرجة الأولى) بسرطان البنكرياس المكتشف لدى الفرد أو أنواع أخرى من السرطان بناءً على نوع التغيرات الوراثية المكتشفة المسببة للسرطان لتقديم التوصيات اللازمة لأفراد العائلة والتي قد تشمل إجراء الفحص الجيني لهم أو وضع خطة شاملة للوقاية من السرطان. 
يساهم الفحص الجيني أيضًا في تقدم أبحاث السرطان من خلال اكتشاف جينات جديدة مسببة للسرطان، لتطوير علاجات جديدة أكثر فعالية.
توصي الجمعية الأمريكية للسرطان بضرورة إجراء الفحص الجيني في الحالات التالية:

   1. المصاب بالسرطان:
  • إذا كنت مصابًا بالسرطان قبل عمر 50.
  •  إذا كان لديك فرد أو أكثر من الدرجة الأولى (الأب، أو الأم، أو الأخوة) مصاب بالسرطان.
  • إذا كنت مصابًا بأنواع نادرة من السرطان، مثل سرطان البروستاتا وسرطان الثدي بالرجال والأنواع النادرة من سرطان البنكرياس.
  • إذا كنت مقبلاً على إجراء جراحة لتقليل فرص انتشار السرطان (مثل استئصال القولون أو الثدي) لتحديد العلاج والإجراء المناسب بناءً على نوع التغيرات الجينية لديك.

    2. الشخص السليم:
  • إذا كان لديك أقارب مصابين بسرطان البنكرياس أو سرطان البروستاتا وغيره من السرطانات.
  •  إذا كان لديك  أكثر من فرد من الدرجة الأولى (الأب، أو الأم، أو الأخوة) مصاب بالسرطان.
  • إذا كان لديك قريب مصاب بأكثر من نوع من السرطان.
  • إذا كان لديك قريب أصيب بالسرطان قبل عمر 50.

تجدر الإشارة أن نوع الفحص الجيني المناسب يتوقف على الحالة الصحية وتاريخ العائلة مع سرطان البنكرياس أو أي متلازمات وأمراض وراثية أخرى تزيد من احتمالية الإصابة بسرطان البنكرياس وغيره من أنواع السرطان، لذلك ينصح بالاستشارة الوراثية للتوجيه إلى الإجراء المناسب.

الاستشارة الوراثية والسرطان

 تساعد الاستشارة الوراثية في التوجيه للإجراء المناسب وترشيح الفحص الجيني الأشمل بناءً على المعلومات المقدمة عن الحالة الصحية لك ولعائلتك، وتساهم الاستشارة الوراثية أيضًا في تحديد مدى تكرار الإصابة بالسرطان في العائلة.
لا يقتصر دور المستشار الوراثي على مرحلة ما قبل الفحص فحسب، بل يساعدك في فهم نتائج الفحص لإعطائك التوصيات والتوجيهات اللازمة وتقديم الدعم النفسي اللازم لك.
يقدم مركز إنيجما للطب الجيني الفحص الجيني الشامل للسرطان والذي يغطي 109 جين مرتبط بالأمراض السرطانية ومنها سرطان البنكرياس، بالإضافة إلى خدمة الاستشارة الوراثية عن بُعد قبل وبعد الفحص، لمساعدتك في رحلة الحفاظ على صحتك وصحة عائلتك.

العودة إلى المدونة

اترك تعليقا

يرجى ملاحظة أن التعليقات تحتاج إلى الموافقة قبل نشرها.